بدأت مصر  تطبيق قانون عمل جديد يهدف إلى حماية العمال من الفصل التعسفي، وتعزيز الأمان الوظيفي، وتحقيق توازن أوضح بين أصحاب العمل والموظفين. ويعكس القانون خطوة طال انتظارها في ظل أزمات اقتصادية متصاعدة وتراجع قيمة الجنيه، ما جعل مصير نحو 30 مليون عامل على المحك.

ذكرت أفريكان بريس أجينسي أن القانون الجديد يلغي نصوص القانون رقم 12 لسنة 2003 بعد مفاوضات امتدت أكثر من عقد. أبرز تعديلاته إلغاء الاستمارة المثيرة للجدل المعروفة بـ"نموذج 6"، التي سمحت لسنوات بفصل العمال من دون قرار قضائي. وأصبح الفصل الآن مشروطاً بصدور حكم قضائي نهائي. كما أنشأ القانون محاكم عمالية متخصصة ملزمة بحسم النزاعات خلال 90 يوماً، في محاولة لتسريع الفصل في قضايا العقود وإنهاء الخدمة والتعويضات.

أدخل القانون إصلاحات اجتماعية إضافية أبرزها: إلزام القطاع الخاص بحد أدنى للأجور، تمديد إجازة الوضع إلى أربعة أشهر، مضاعفة مكافأة نهاية الخدمة إلى راتب شهرين عن كل سنة عمل، وإقرار مبدأ المساواة بين الجنسين كالتزام قانوني. واعتبر وزير القوى العاملة محمد جبران أن القانون يمثل "ركيزة أساسية في حماية حقوق العمال"، في وقت يتطلع فيه الملايين إلى تحسن ملموس في ظروف العمل.

مع ذلك، برزت ثغرات أثارت انتقادات واسعة. نص القانون على زيادة سنوية للأجور لا تقل عن 3% فقط، وهو معدل أقل بكثير من نسبة 7% التي اقترحت عام 2016. ويرى عمال وخبراء أن هذه النسبة غير كافية لمجاراة التضخم المتسارع وارتفاع الأسعار. كما أشار مراقبون إلى أن القانون لم يعالج بشكل كافٍ ممارسات شركات التوظيف الخاصة، التي تواجه اتهامات بحرمان العمال من التأمينات الاجتماعية وفرض رسوم مبالغ فيها، وهي ممارسات لطالما نددت بها النقابات.

واجهت الحكومة هذه الانتقادات بالتأكيد على أن التشريع يشكل انطلاقة جديدة لسوق العمل، لكنه لن يحقق أهدافه إلا إذا التزمت أجهزة الدولة بالرقابة الصارمة ومنعت أصحاب الأعمال من التحايل. وأوضح مسؤولون أن التطبيق العملي سيحدد ما إذا كانت هذه الإصلاحات ستخلق بيئة عمل عادلة بالفعل أم ستظل حبرًا على ورق.

بين مؤيد يرى أن القانون يرسخ حماية غير مسبوقة لحقوق العمال، ومعارض يحذر من ثغرات اقتصادية واجتماعية، يقف سوق العمل المصري أمام منعطف حاسم. فإذا نجح التشريع في فرض قواعده بصرامة، قد يشكل نقطة تحول في علاقة الدولة بالعمال وأصحاب العمل على السواء. أما إذا تواصلت الممارسات غير المنظمة وتجاهلت مؤسسات إنفاذ القانون التحديات، فلن تتحقق الوعود التي رُوِّج لها طيلة سنوات.

https://apanews.net/egypts-new-labor-law-aims-to-curb-abuses-but-critics-remain-cautious/